حتى لو كانت الفكرة واضحة الرعونة والحماقة، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لا تستطيع التمييز.
وعندما تنتشر دعوة ما، خصوصا بين المراهقين والشباب، ويبدو فيها ولو بصيص أمل، فإن النتيجة تكون كارثية للأسف.
ما حدث منذ أول أمس باب سبتة هو مثال واضح لما يمكن أن تفعله دعوة خرقاء يطلقها شخص ما، من مكان ما، مدركا أنه لن يتحمل أية مسؤولية، وأن الأمر لا يتعدى كونه مزحة أو أضغاث أحلام.
لكن أفكارا كهذه سهلة الانتشار بين الشباب والمراهقين الحالمين بالهجرة، لهذا فقد نالت نصيبها من المشاركة، وتحولت إلى هدف في حد ذاته رغم استحالة تحققها.
لحسن الحظ أن ما ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي يصل الجميع، بما في ذلك السلطات الأمنية، التي أدركت أن الأمر قد تحول إلى دعوة جماعية جادة، فأعدت العدة لكبح هذا الهجوم الذي قد يتحول حقا إلى مأساة وحدث عالمي، إن لم يتم التعامل معه بالشكل الأمثل.
الخبر وصل إلى سلطات سبتة نفسها التي استعدت أيضا لمنع هذه المحاولات من جانبها، كي لا تتحول إلى حقيقة واقعة، في مدينة تعانى بشدة من توافد القاصرين غير المصحوبين.
لحسن الحظ، أن التعامل الأمني كان في المستوى، واستطاع أن يصد المحاولة الجماعية بأقل الأضرار، رغم أن محاولة الهجرة تحولت فجأة إلى أعمال تخريب وعنف.
هذه الأعمال نفسها تسائل المسؤولين خصوصا، والذين يتظاهرون بأنهم تفاجأوا أمام ما يحدث، بينما يتضح بكل جلاء أن كل هؤلاء المراهقين والشباب هم نتاج سياسات متتالية، وحكومات تبحث عن الخروج بأكبر المنافع وأقل الأضرار، لها وليس للمواطنين.
لا أحد يتوقع أن يرتفع معدل البطالة إلى 35%بين الشباب من 15 إلى 24 سنة (وفق معطيات رسمية)، ثم لا تكون هناك ردات فعل، فردية أو جماعية.
ما حدث ليس مفاجئا إذن، وكان الأولى أن يتم منعه مسبقا من خلال البرامج والمشاريع الحكومية التي تجعل الوطن ملاذا حقيقيا للشباب، وليس كابوسا يفكرون بالفرار منه في أية لحظة.
لذا، فإن وجود الحمقى على مواقع التواصل لا يبرر أبدا ما حدث، لأن الوضع لو كان على ما يرام، فلن تلاقي دعوات كهذه أي صدى !